تحسين يقين
ضمن سلسة ثقافة وإبداع، صدر حديثاً عن المؤسسة الفلسطينية للإرشاد القومي في رام الله، كتاب بعنوان "معجم شعراء فلسطين" قام بإعداده وتوثيقه الشاعر محمد حلمي الريشة. وحول هذا الإصدار قال الريشة : إن هذا المشروع يُعدّ نواةً لمشاريع أخرى للمؤسسة ستتفرّع عنه وتأخذ قنوات دراسية وإحصائية أخرى، وإنه بدأ يعكف على وضع كتاب آخر ضمن هذا الموضوع وضع له عنواناً أولياً هو "مائة شاعر وشاعر فلسطيني في مائة عام وعام" وسوف يكون أنطولوجيا موسّعة بعد أن لم تقم الأنطولوجيات القليلة المعروفة الأخرى بتقديم الشعراء الفلسطينيين بصورة أشمل وأعمق وكان للهوى الشخصي، في بعضها ورغم قلتها، أثره الفاعل فيها، كذلك فأن هذا المعجم هو دليل أولي للشعراء الفلسطينيين خصوصاً من لم يعرفوا عربياً بل وحتى فلسطينياً هنا وهناك، بسبب سطوة الاحتلال الإسرائيلي على مسارات الثقافة خلال عقود كثيرة.
ضم الكتاب المعجم (339) شاعراً وشاعرةً فلسطينيين خلال أكثر من قرن، ويعد هذا المعجم أول معجم يصدر في فلسطين بشكل عام ومتخصص، وهو يوفر فرصاً كثيرة للباحثين والمهتمين للتعرف على معلومات ضرورية عن الشعراء، فقد ضمت صفحة الشاعر اسمه وسنة ميلاده ومكانه، ومن توفى منهم سنة وفاته، وكذلك سرداً لأعماله الشعرية وتفاصيل إصدارها ونشرها، إضافة إلى سرد من له أعمال في مجالات أخرى غير شعرية كالرواية والقصة والدراسات والمسرح والترجمة .. إلخ، وما يُلاحظ أن الكتاب المعجم ضم شعراء كثيرين من الجيلين الأخيرين الثمانيني والتسعيني، وحاول أن يجمع بين دفتيه ما استطاع من الشعراء، إلى درجة ورود شعراء لهم عمل شعري واحد في بدايات حياتهم ولم يكملوا مسيرتهم الشعرية أو ينتقلوا إلى الخطوة التالية. أما ما لم يذكره هذا المعجم فهو نبذة شخصية عن حياة كل شاعر خلافاً لما عهدنا من المعاجم المعروفة.
أما من حيث تواريخ ميلاد الشعراء، فنجد تركّزهم في عقود أكثر من غيرها، وهذه حالة ربما تدعو إلى دراستها. وبالنسبة لأماكن الشعراء؛ أماكن الولادة، فهي بانوراما للمكان الفلسطيني؛ "فلسطين التاريخية" و"الشتات"، ولهذا دلالات على الوجود الفلسطيني، وعلى الأماكن التي ظهر الشعر الفلسطيني فيها أكثر من غيرها، لذلك لا ينظر للمعجم كقيمة ثقافية فقط، فهو بعد إحصاء الأسماء والسنوات والأماكن ذو قيمة وطنية وإنسانية.
اعتمد الشاعر الريشة على مصادر عديدة في عمله الذي يسجل له كقيمة بارزة إضافة إلى أعماله الشعرية والنثرية (صدرت له قبل شهر تقريباً مجموعته الشعرية العاشرة: "هاويات مخصبة")، وأبرز هذه المصادر وأهمها تلك التي جمعها من خلال مقابلات شخصية واستبانات وعبر رسائل الاتصال المختلفة، إضافة للمراجع المعجمية المختلفة. وحول هذه الموضوعة تحدث الريشة عن الصعوبات الكبيرة والكثيرة التي واجهته منذ أن بدأ في تنفيذ هذا المشروع، خصوصاً حالة الاجتياح والحصار الذي بدأت منذ آذار 2002 والتي أدّت إلى قطع سبل الاتصالات الشخصية والبريدية والهاتفية، وأضاف أنه كان يجد صعوبة في الحصول على معلومة تبدو صغيرة يريد أن يكمل بها، مثلاً، إصداراً ما لشاعر، وأن هذا الحصار، الذي كان يبقيه، ولم يزل، وزملاءه في بيت الشعر الفلسطيني لأحايين طويلة وكثيرة، لم تجعله يتوقف عن الاستمرار في عمله المعجمي، وأنه يشكر هنا زملاءه الشاعر المتوكل طه (رئيس بيت الشعر ورئيس المؤسسة) على مدّه بالإصرار لإكمال هذه المهمة الشاقة والشيّقة في آن، وكذلك الشاعر غسان زقطان الذي مدّ يد معلوماته له عن كثير من الشعراء، وأيضاً، الشاعر مراد السوداني الذي يقول إنه، بالإضافة لمساعدته، قضى معه الشهور الأولى للاجتياح والحصار داخل بيت الشعر بطعام قليل ورصاص من الجهة الأخرى كثير.
وقع الشعراء في (317) صفحة من القطع الكبير، وبترتيب وإخراج واضح قام به وأشرف عليه الشاعر نفسه، وصممت غلافه نغم الحلواني، في حين خصص الغلاف الأخير للتعريف بدور المؤسسة الفلسطينية للإرشاد القومي حول مشروع الرواية والذاكرة الفلسطينية، مع إشارة إلى أن اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والعلوم والثقافة دعمت طباعة هذا الكتاب المعجم.