بعد الانتشار الواسع لهواتف الشركات الإسرائيلية المحمولة في الأراضي الفلسطينية في الأعوام الخمسة الماضية ومع دخول شركات الاتصالات الفلسطينية معترك المنافسة على فضاء الضفة الغربية وقطاع غزة، زادت مخاوف السكان من أخطار الإشعاعات المنبعثة من محطات تقوية الهواتف الخلوية المنتشرة في شتى المدن والمناطق الفلسطينية.
حالة القلق من احتمالات الضرر الصحي من تلك المحطات المنتشرة في قطاع غزة، دفعت ثلاث طالبات جامعيات من قسم هندسة الكهرباء والحاسوب بالجامعة الإسلامية في القطاع إلى التفكير بتصميم جهاز يمكن معه قياس شدة الإشعاعات أو الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من تلك المحطات, ومعرفة مدى تطابقها مع المعايير والمواصفات الدولية التي يمكن أن تحدث في حال تجاوزها نتائج سلبية مستقبلية على صحة السكان الذين يتعرضون لتلك الإشعاعات.
ويوضح رئيس قسم الهندسة الكهربائية بالجامعة الإسلامية الدكتور محمد عبد العاطي أن الطريق التي سلكتها الطالبات من أجل تنفيذ المشروع كانت صعبة ومعقدة للغاية. وعلاوة على الجهود المضنية التي بذلنها في الدراسات الإحصائية الميدانية المكثفة ودراسات الجدوى -يضيف عبد العاطي- فقد اصطدم مشروعهن بالعديد من العقبات التي كان أبرزها عدم توفر التمويل المادي فضلا عن رفض الشركات الأجنبية بيع مكونات الجهاز الإلكترونية الصغيرة اللازمة للمشروع، ناهيك عن العراقيل التي وضعها الاحتلال لمنع نقل تلك القطع الإلكترونية إلى القطاع.
ومع هذا الجهاز الجديد وملحقاته, يؤكد الدكتور عبد العاطي للجزيرة نت, بأنه يمكن وضع حد لهاجس الخوف من مخاطر محطات الهواتف النقالة الذي شغل بال الكثيرين من سكان الأراضي الفلسطينية.
وأضاف أنه وبناء على القراءات الدقيقة لشدة الإشعاعات المنبعثة من المحطات فإنه يمكن تقديم توصيات بشأن تعديل وتحسين أداء المحطات المنتشرة في فلسطين المحتلة وتوجيه بعض الهوائيات التي تعلو تلك المحطات، وتحديد حجم الأشعة المنبعثة منها بشكل يضمن سلامة الجمهور ويقلل من معامل الخطر المحتمل.
نتائج دقيقة
ويؤكد الدكتور عبد العاطي أن الجهاز الذي عكفت الطالبات على تصميمه تمكن بالفعل من تحقيق نتائج دقيقة في قياس شدة الإشعاع المنبعثة من محطات الهواتف المحمولة، كما أنه يأخذ بالاعتبار كافة المتغيرات البيئية كدرجة الحرارة والرطوبة والتضاريس الجغرافية المختلفة.
الطالبات الثلاث اللاتي عملن على الجهاز وهن "وسام أبو لبدة" و"هبة البهبهاني" و"هيا عاشور" أوضحن أن هذا الجهاز يستطيع القيام بقراءة مستويات الإشعاع المنبعثة من المحطات ويقارنها بقاعدة بيانات تلك المحطات عبر اتصاله بجهاز حاسوب مزود ببرنامج يستطيع التواصل مع جهاز قياس الإشعاع وتخزين القياسات الفعلية في قاعدة البيانات، ومن ثم يقوم باستخراج الجداول التي يتم من خلالها تحديد البيانات ومستويات الإشعاع المنبعثة بشكل دقيق.
وأعربن عن سعادتهن الكبيرة بإنجاز المشروع خلال عامهن الدراسي الأخير في الجامعة، رغم تكرار إغلاق الاحتلال للطريق الرئيسي مرات عديدة واضطرارهن لسلوك شاطئ البحر والسير على الأقدام قرابة ثلاثة كيلومترات للوصول إلى الجامعة وإنجاز المشروع.
وأكدت الطالبات الثلاث اللاتي يقطن أحد أحياء مخيم النصيرات للاجئين وتربطهن علاقة صداقة منذ دخولهن المدرسة، أن المشروع كاد أن يتوقف لولا تدخل عدد من المؤسسات الخيرية التي قدمت الدعم المادي له.
كما أكدن رفض الشركات الأجنبية تزويدهن باللوازم الإلكترونية الضرورية لإنجاح المشروع لشكوك تلك الشركات بقدرتهن على التعامل مع تلك اللوازم، الأمر الذي تطلب منهن تكثيف الاتصالات والبحث عبر شبكة الإنترنت عن بدائل أخرى وإقناع إحدى الشركات الألمانية ببيع تلك اللوازم لهن.